سيف الدولة نائب المديرة العامة
عدد الرسائل : 59 تاريخ التسجيل : 17/07/2008
| موضوع: ...حسرات... الخميس يوليو 24, 2008 5:46 am | |
| قال تعالى: ""وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون"". آه من تأوه حين إذٍ لا ينفع، ومن عيونٍ صارت كالعيون مما تدمع. إنها حسرةُ بل حسرات، أنباءٌ مهولات، نداماتٌ وتأسفاتٌ ورد ذكرها في غير ما آية من الآيات تصدرُ عن معرضين عن الآيات ولاهين ولاهيات عن يومُ الحسرة والحسرات. فمن هذه الحسرات "أجاركم الله من الحسرات" التي ذكرها الشيخ الفضيلة علي عبد الخالق القرني من رسالة '''قل هو نبأ عظيم''':>الحسرةُ على أعمالٍ صالحةٍ:شابتها الشوائبُ وكدرتها مُبطلاتُ الأعمالِ من رياءٍ وعُجبٍ ومنةٍ، فضاعت وصارت هباءً منثورا، في وقتٍ الإنسانُ فيهِ أشدُ ما يكونُ إلى حسنةٍ واحدةٍ:(وبدا لهم من اللهِ ما لم يكونوا يحتسبون) (وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاط بهم ما كانوا به يستهزئون) فكيفَ تقيكَ من بردٍ خيامٌ………إذا كانت ممزقةَ الرواقِالفضل عند الله ليس بصورة الأعمال بل بحقائق الإيمان. القصد وجه الله بالأقوال والطاعات والشكران. بذاك ينجو العبد من حسراته ،ويصير حقا عابد الرحمن. >الحسرةُ على التفريطِ في طاعةِ الله:وتصرمِ العمرِ القصيرِ في اللهثِ وراء الدنيا حلالِها وحرامِها، والاغترارِ بزيفِها مع نسيانِ الآخرةِ وأهوالِها:( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين) ( أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين) ( أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين) ( بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين)يا ضيعة العمرِ لا الماضي انتفعتُ به…….ولا حصلتُ على علمٍ من الباقي بلى علمتُ وقد أيقنتُ وا أسفا……..أني لكلِ الذي قدمتُه لا قي >الحسرةُ على التفريطِ في النفسِ والأهل:أن تقيَهم من عذاب جهنم، يوم تفقدَهم وتخسرَهم مع نفسُك بعد ما فتنتَ بهم، ذلك هو الخزيُ والخسار والحسرةُ والنار، حالك:بعضي على بعضي يجّردُ سيفه……..والسهم مني نحو صدري يرسلُ النارُ توقد في خيام عشيرتي…………وأنا الذي يا للمصيبة أُشعلُ( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسَهم وأهليهم يومَ القيامة، آلا ذلك هو الخسرانُ المبين). >الحسرةُ على أعمالٍ صالحة:كان الأمل بعد اللهِ عليها، ولكنها ذهبت في ذلك اليومِ العصيب إلى من تعديت حدودَ اللهِ فيهم فظلمتَهم في مالٍ أو دمٍ أو عرض، فكنتَ مفلساً حقا:(وقد خابَ من حمل ظلما).فيأخذُ هذا من حسناتِك وهذا من حسناتك، ثم تفنى الحسنات فيطرحُ عليك من سيئاتِ من ظلمتَهم ثم تطرحُ في النار، أجارك الله من سامعٍ من النار وجنبك سخطِ الجبار بفعلِ ما يرضي الواحدَ القهار.>حسرةُ جُلساءِ أهلِ السوء: يومَ انساقوا معهم يقودونَهم إلى الرذيلةِ، ويصدونَهم عن الفضيلةِ، إنها لحسرةُ عظيمةٌ في يومِ الحسرة يعبرون عنها بعضِ الأيدي يومَ لا ينفعُ عضُ الأيدي كما قال ربي:(ويومَ يعَضُ الظالم على يديه يقولُ يا ليتني اتخذتُ مع الرسولِ سبيلا) ( ياويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا) ( لقد أضلني عن الذكرِ بعد إذ جاءني وكان الشيطانُ للإنسانِ خذولا). >حسرةُ الأتباعُ المقلدين لكلِ ناعق:يوم يتبرأ منهم من تبعوه بالباطل فلا ينفعهم ندم ولا حسرة:(ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا، وأن الله شديد العذاب) ( إذا تبرأ الذين أتُبعوا من الذين أتَبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب) ( وقال الذين أتبَعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا) ( كذلك يرويهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار). >حسرة الظالمين المفسدين في الأرض:الذينَ يصدون عن سبيلِ الله ويبغونها عوجا، حين يحملون أوزارَهم وأوزار الذين يضلونهم بغيرِ علم، وحين يسمعون عندها قول الله :( فأذن مؤذنٌ بينهم أن لعنتُ الله على الظالمين، الذين يصدون عن سبيلِ الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرةِ كافرونِ ).ومن أعظم المشاهد حسرة في يوم القيامة يوم يكفر الظالمون بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا محتدين ومتبرئين فذلك قول الله:( قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار، كلما دخلت أمة لعنت أختها)( حتى إذا إداركوا فيها جميعا قالت أخراهم الأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار) ( قال لكلٍ ضعف ولكن لا تعلمون) ( وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون).فيا حسرة الظلمة وأعوانهم حين يعلمون فداحة جريمتهم في تنفيذ رغبات الظالمين، لكن حيث لا ينفعهم علم العالمين، وعندها لسادتهم يقولون: لكن حيث لا ينفعهم علم العالمين، وعندها لسادتهم يقولون:( إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار) ؟ فإذا بالسادة أذلة قد عنت وجوههم للحي القيوم لا يملكون لانفسهم شيئا ولا يستطيعون يقولون:( إنا كل فيها، إنا الله قد حكم بين العباد).إن لله غضبة لو وعاها من………. بغى ما عدا يمط اللسان كم من ظالم يردد:(وقال الذين كفروا للذين أمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم، وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون، وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم، وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون).فالعقلاء بمقولتهم لا يغترون، وإن فعلوا فأنهم يوم إذ في العذاب والحسرة مشتركون. تصور معي أخي ذلك الجو من الحسرة والخزي والندامة المخيمة على المستضعفين والمستكبرين. أتباع ضعفاء يتهمون زعمائهم بالحيلولة بينهم وبين الإيمان. ومستكبرون يقولون لإتباعهم أنتم المجرمون دعوناكم فكنتم مجيبين. لو رأيتهم إذ وقفوا عند ربهم من غير إرادة ولا اختيار مذنبون ترهقهم ذلة في انتظار الجزاء لرأيت أمرا مهولا، يتراجعون، يرجع بعضهم إلى بعض القول. يلوم بعضهم بعضا. ويؤنب بعضهم بعضا. ويلقي بعضهم تبعة ما هم فيه على بعض. يقول أتباع الظلال الذين اُستضعفوا لقادة الضلال الذين استكبروا:( لولا أنتم لكنا مؤمنين ).يقولونها جاهرين بها صادعين في وقت لم يكونوا في الدنيا بقادرين على هذه المواجهة، كان يمنعهم الذل والضعف والاستسلام، وبيع الحرية التي وهبها الله لهم والكرامة التي منحهم الله إياها. أما اليوم يوم الحسرة فقد سقطت القيم الزائفة وواجهوا العذاب فهم يقولونها غير خائفين:( لولا أنتم لكنا مؤمنين ).حلتم بيننا وبين الإيمان، زينتم لنا الكفران فتبعنكم فأنتم المجرمون وبالعذاب أنتم جديرون وله مستحقون. ويضيق الذين استكبروا بهم ذرعا إذ هم في البلاء سواء ويريد هؤلاء الضعفاء أن يحملوهم تبعة الإغواء الذي صار بهم إلى هذا البلاء، عند إذ يردون عليهم ويجيبونهم في ذلة مصحوبة بفظاظة وفحشاء: ( أنحن صددناكم عن الهدى)الله أكبر كانوا في الدنيا لا يقيمون لهم وزنا، ولا يأخذون منهم رأي، ولا يعتبرون لهم وجودا، ولا يقبلون منهم مخالفة، بل حتى مناقشة. أما اليوم، يوم الحسرة فهم يسألونهم في استنكار الأذلاء:( أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم ؟ بل كنتم مجرمين).زينا لكم الإجرام؟ نعم، لكنا لم نكرهكم عليه، فما لكم علينا من سلطان. آما أنه لو كان الأمر في الدنيا لقبع المستضعفون لا ينبسون ببنت شفه. لكنهم في الآخرة حيث سقطت الهالات الكاذبة، والقيم الزائفة، وتفتحت العيون المغلقة، وظهرت الحقائق المستورة فلم يسكت المستضعفون ولا هم يخنعون، بل يجابهون من كانوا لهم يذلون ويقولون:( بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا).مكركم لم يفتر ليلا ولا نهارا للصد عن الهدى. تزينون لنا الضلال وتدعوننا إلى الفساد، وتقولون إنه الحق. ثم تقدحون في الحق وتزعمون أنه باطل، فما زال مكركم بنا حتى أغويتمونا وفتنتمونا. >الحسرةُ على أعمالٍ محدثةٍ: عباداتٍ لم يأذن الله بها ولم يتبعُ فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ويحسبُ أهلها أنهم يحسنون صنعا:( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ).لكنها تضيعُ في وقتِ الحاجةِ الماسة إليها فهم الأخسرون أعمالا وساءوا أعمالا، أعمالَهم كرمادٍ اشتدت به الريحُ في يومٍ عاصف أو كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظامئانُ ماءً، حتى إذا جاءهُ لم يجده شيأً ووجد اللهَ عنده فوفاه حسابهُ.( والذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظامئان ماءً، حتى إذا جاءهُ لم يجده شيئا ووجد اللهَ عنده فوفاه حسابهُ ).يا أيها اللاهي الذي افترش الهوى…..وبكل معنى للضلال تدثرا إن كنت ذا عقل ففكر برهة………….ما خاب ذو عقل إذا ما فكرا >الحسرةُ على أموالٍ جمعت من وجوه الحرام:رباً ورشِوةٍ وغشٍ غصب وسرقةٍ واحتيالٍ وغيرِها. فيا لله أي حسرةٍ أكبر على امرؤٍ يؤتيَه اللهُ مالاً في الدنيا، فيعملُ فيه بمعصيةِ الله، فيرثَه غيرَه فيعملُ فيه بطاعةِ الله، فيكونُ وزره عليه وأجرُه لغيره. أي حسرة أكبر على امرؤ أن يرى عبدا كان الله ملّكه إياه في الدنيا يرى في نفسه أنه خبر من هذا العبد، فإذا هذا العبد عند الله أفضل منه يوم القيامة. أي حسرة أكبر على امرؤ أن يرى عبدا مكفوف البصر في الدنيا قد فتح الله له عن بصره يوم القيامة وقد عميَ هو، إن تلك الحسرة لعظيمة عظيمة. أي حسرة أكبر على امرؤ علم علما ثم ضيعه ولم يعمل به فشقيَ به، وعمل به من تعلمه منه فنجى به. أي حسرة أعظم من حسرات المنافقين الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. يوم تبلى السرائر وينكشف المخفي في الضمائر ويعرضون لا يخفى منهم على الله خافية، ثم يكون المأوى الدرك الأسفل من النار ثم لا يجدون لهم نصيرا. >أما الحسرةُ الكبرى فهي: عندما يرى أهلَ النار أهلَ الجنةِ وقد فازوا برضوانِ الله والنعيم المقيم وهم يقولون:( أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا) ؟ ( قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ).وحسرة أعظم: يومَ ينادي أهلُ النار أهل الجنةِ : ( أن أفيضوا علينا من الماءِ أو مما رزقكم الله) ( قالوا إن اللهَ حرمهما على الكافرين ).وحسرة أجل: حين ينادي أهلُ النارِ مالكاً خازن النار:( ليقضي علينا ربك). ( قال إنكم ماكثون لقد جئناكم بالحقِ ولكن أكثرَكم للحق كارهون ).ومنتهى الحسرة ِوقصاراها: حين ينادون ربَهم عز وجل وتبارك وتقدس:( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فأنا ظالمون ).فيُجبَهم بعد مـدة:( اخسئوا فيها ولا تكلمون ).فلا تسأل، لا ينبسون ببنت شفة وإنما هو الشهيق والزفير. طال الزفيرُ فلم يُرحم تضرُعهم هيهاتَ لا رقة تغني ولا جزعُ فيا حسرة المقصرين. ويا خجلة العاصين. لذات تمرٌ وتبعاتٌ تبقى. تريدون نيل الشهواتِ والحصولَ في الآخرةِ على الدرجات. جمع الأضدادِ غير ممكنٌ يا تراب. هواك نجد وهواه الشامُ………وذا وذاَ يا خي لا يلتامُ دع الذي يفنى لما هو باقي وأحذر زلل قدمِك، وخف حلول ندمك واغتنِم شبابك قبل هرمِك، واقبل نصحي ولا تخاطر بدمك، ثم تتحسرُ حين لا ينفعُ ندمك. إذا ما نهاك امرأٌ ناصحُ عن الفاحشاتِ إنزجر وانتهِ إن دنياً يا أخي من بعدها ظلمةُ القبرِ وصوتُ النائحِ لا تساوي حبةً من خردلٍ أو تساوي ريشةً من جانحِ لا تسل عن قيمةَ الربح….. وسل عن أساليبَ الفريق الرابحِ جعلنا الله وإياكم من الرابحين السعداء، يومَ يخسرُ المبطلون الأشقياء، ويتحسرَ المتحسرون التعساء، إن ربي وليُ النعماء وكاشفَ الضرِ والبلاء.*** منقول *** | |
|